خلاصة:
بدأ "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الفصيل الجنوبي المدعوم إماراتيا، في التحرك ضد الشرعية بعد الإعلان عن تشييع جثمان القيادي في الحزام الأمني المدعوم إماراتيا، العميد منير اليافعي، الذي قتل خلال ضربة عسكرية بطائرة مسيرة، تبنتها جماعة الحوثي في الأول من أغسطس 2019 ، وخلال التشييع شهدت المدينة دعوات للتجمع والحشد في ساحة الشهيد خالد الجنيدي في مدينة "كريتر" وسط العاصمة المؤقتة عدن، ومن ثم التحرك إلى مقبرة القطيع جوار مقر الحكومة في حي المعاشيق، وذلك بهدف استغلال الغضب الشعبي وتوظيفه باتجاه محاصرة مقر الحكومة واقتحامه وإسقاط القصر الرئاسي تحت وطأة السلاح وتفجير الموقف عسكري .إضافة إلى المسرحية التي نفذتها عناصر من القاعدة في مديرية " المحفد" بمحافظة / أبين، وتسليم عناصر الحزام الأمني معسكرهم لهذه العناصر لنهب أسلحته ثم الانسحاب في غضون ساعات. كل هذه الحوادث كانت خطوات تمهيدية لتحركات الانتقالي الانقلابية بالتنسيق مع هذه الجماعات بهدف إثارة الغضب الشعبي في عدن ولحج، وخاصة قبائل يافع باعتبار "أبو اليمامة" أحد أبناءها، كما هدفت تلك التحركات إلى تخويف المجتمع الدولي من الجماعات الإرهابية وتقديم ميليشياتهم كمحارب لهذه الجماعات، ومحاولة لتغطية تحركاتهم ضد الحكومة الشرعية ومؤسساتها المدنية والعسكرية تحت لافتة الحرب على الإرهاب، وهذا أسلوب معتاد تستخدمه الإمارات للتغطية على انقلاباتها وتحركات ميليشياتها في أكثر من بلد عربي.
مقدمة:
لقد أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على مدينة عدن، بعد أيام من القتال مع قوات الحكومة المعترف بها دوليا، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها صدام واشتباكات بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وبين قوات الحكومة؛ فالمجلس الانتقالي الجنوبي سبق وأن سيطر على عدن في 28 يناير 2018 . وبعد أسبوع من بداية الأحداث، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي التزامه بوقف إطلاق النار والمشاركة في حوار دعت إليه المملكة العربية السعودية، على لسان الناطق الرسمي باسم التحالف، الذي دعا إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري في عدن، وأكد أن التحالف سيستخدم القوة العسكرية ضد من يخالف ذلك. كل تلك الأحداث تفسر لنا أن مجمل الخطوات التي قام بها المجلس الانتقالي كانت بالتنسيق مع" المليشيات الحوثية" "والقاعدة" و"داعش" وهذا التنسيق جاء نتيجة لجهد استخباراتي قامت به الإمارات، فعملية اغتيال القيادي في الحزام الأمني "أبو اليمامة" التي تبنتها مليشيات الحوثي، والعملية الإرهابية التي نفذت ضد مركز أمني في "الشيخ عثمان " والتي تبنتها داعش.
1 / أخر التطورات في محافظة شبوة:
أحكمت القوات الحكومية سيطرتها الكاملة على مدينة "عتق"، عاصمة محافظة شبوة، جنوب شرقي اليمن، وجميع الطرق المؤدية إليها، وسيطرت على ثلاثة معسكرات كانت تتمركز فيها قوات "النخبة الشبوانية" المدعومة إماراتي ا . كما سيطرت على معسكر لقوات الحزام الأمني المدعوم إماراتيا في منطقة "قرن الكلاسي" الواقعة بين مدينتي شُقرة وزنجبار دون مقاومة. ومن خلال التطورات الأخيرة في محافظة شبوة يبدوا أن السعودية أعطت الضوء الأخضر للشرعية بفضح ممارسات الإمارات، وقدمت دعما للجيش اليمني على الأرض وفرضت شروطها على الامارات مقابل حفظ هيبتها وماء وجهها أمام العالم.
وتعد محافظة شبوة ذات أهمية كبيرة حيث تبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 474 كيلو متر، وتحدها من الشرق محافظة حضرموت، ومن الجنوب البحر العربي، ومن الشمال محافظة مأرب ومن الغرب محافظتي أبين ومحافظة البيضاء. كما تعد المحافظة مركزا مهما لتصدير النفط والغاز المسال.
أ / موقف الحكومة الشرعية
في بداية الأمر لم تتمكن الرئاسة اليمنية من إقناع الجانب السعودي بالتحرك لإيقاف تحركات المجلس الانتقالي الانقلابية بسبب الضغط الاماراتي القوي على السعودية، والموقف الدولي المنحاز والمتخوف من الجماعات الإرهابية، وكذلك التطمينات التي تلقتها المملكة من كل هذه الأطراف. ومع ذلك يرى كثير من المراقبين أن صمت الرئاسة إعلامي ا وعدم اتخاذها قرارات قوية تجاه الانتقالي وداعميه، وخضوعها للحسابات السياسية في المملكة كان خطأ استراتيجيا نتج عنه الانقلاب عليها . وبعد مرور أكثر من أسبوع على تلك الأحداث، حملت الحكومة اليمنية الإمارات المسؤولية الكاملة عن انقلاب المجلس الانتقالي الساعي إلى فصل جنوب اليمن عن شماله، وطالبتها بوقف كافة أشكال الدعم والتمويل للمليشيات . وأكدت الحكومة في بيان لها عقب اجتماع استثنائي عقدته في الرياض برئاسة رئيس الوزراء معين عبد الملك إنها "ستواجه التمرد المسلح في عدن بكل الوسائل التي يخولها الدستور والقانون وأن التمرد المسلح المدعوم إماراتيا نجم عنه تقويض مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي." وقد ثمنت الحكومة اليمنية جهود السعودية، ودعتها إلى دعم خطط الشرعية من أجل إنهاء التمرد. كما دعت المجتمع الدولي ومؤسساته إلى القيام بمسؤولياته في دعم الشرعية ووحدة أراضي اليمن. كما دعت هيئة رئاسة البرلمان اليمني الرئيس هادي إلى اتخاذ كافة القرارات المناسبة لإسقاط التمرد وإعلاء سيادة الدستور. وأكدت رئاسة البرلمان أن "أي تراخ أو تماه أو صمت من قبل أي من دول التحالف حيال الأحداث الأخيرة يشكل رافدا لاستمرار المليشيات في غيّها، وأن ما قامت به مليشيات المجلس الانتقالي، المدعوم إماراتيا، يعيد اليمن إلى دوامة الصراعات وحمامات الدم".
ب / موقف الإمارات
نفت الإمارات عبر بعثتها لدى الأمم المتحدة دعمها للانقلاب الذي اكتمل في عدن بالعاشر من الشهر الجاري، وتوسع لاحقا ليشمل مناطق في محافظة أبين المجاورة . وأكدت الإمارات رفضها التام لما وصفته بمزاعم وادعاءات موجهة إليها حول التطورات في عدن"، وأن "الإمارات كانت جزءا من الفريق المشترك مع السعودية الذي سعى إلى الحفاظ على المؤسسات الوطنية في عدن."
ج / موقف السعودية:
بعد نهاية الأحداث في عدن، ظهر تحول في الموقف السعودي الذي وجه تحذيرات إلى المجلس الانتقالي وقام باستهداف موقعين عسكريين من مواقعه، كما استقبل الملك سلمان وولي عهده الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في قصر منى بمكة المكرمة. وبعد قدوم ولي عهد أبو ظبي إلى الرياض، ولقائه بالملك سلما، أدى ذلك إلى إيقاف إعلان بيان الانفصال الذي كان مزمع اذاعته، وقيام قوات المجلس الانتقالي بالانسحاب من قصر المعاشيق وبعض المواقع العسكرية، وقبوله بالحوار الذي دعت إلى المملكة العربية السعودية.
د / موقف الأمم المتحدة
بعد حديث مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، عن تحميل الحكومة اليمنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، ومن يدعمه ويسانده، مسؤولية التمرد المسلح في عدن، ومطالبة الإمارات بإيقاف دعم وتسليح المليشيات المتمردة، والالتزام بأهداف التحالف في اليمن، أدان المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مؤسسات الحكومة اليمنية في مدينة عدن، واصفا هذه الخطوة ب"غير المقبولة"، وذلك في إحاطة له حول الأوضاع في اليمن أمام مجلس الأمن، يوم الثلاثاء، الموافق 13 أغسطس. 2019 وأكد غريفيث أنه يشعر بالذعر بسبب العنف في عدن وأبين وأدان الجهود غير المقبولة للمجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على مؤسسات الدولة. كما رحب المبعوث الأممي بجهود التحالف الذي تقوده السعودية لإعادة الأمن إلى المدينة، وسعي المملكة إلى عقد اجتماع من أجل إجراء حوار بين الأطراف المتنازعة، في مدينة جدة .
2/ العلاقات السعودية-الإماراتية
هناك من يرى أن ما حدث من تطورات في مدينة عدن عبارة عن "مسرحية هزلية بموافقة التحالف السعودي-الإماراتي" بهدف إعادة ترتيب الوضع في جنوب اليمن بحسب رغبة التحالف غير المعلنة. حيث يؤكد بعض المحللين أن ما حدث في عدن عبارة عن اقتتال شكلي بارد، له عدة أهداف أهمها السيطرة على المعسكرات الموالية لحزب الإصلاح، وإزاحة القوة العسكرية الإخوانية، لمصلحة قوات الأحزمة الأمنية وقوات أخرى موالية لعبد ربه منصور هادي، وكل ذلك من أجل أن يُزاح الإصلاح من مفاوضات السلام المُ قبلة ويَحل محله المجلس الانتقالي. ولا يزال كثير من المراقبين يشككون في الموقف السعودي الداعم للشرعية ويعتبرون لقاء الملك سلمان بالرئيس اليمني بمثابة امتصاص غضب القيادة الشرعية اليمنية وتهدئتها بعد أن فرض الانتقالي نفسه على الأرض ونفذ انقلابه عليها . وبالمقابل يرى آخرون أنه بعد أربع سنوات من اندلاع الحرب في اليمن وصعوبة الحسم شمالا، يبدوا أن المملكة العربية السعودية قررت أن تتوجه جنوب ا ، وبدأت بتشكيل قوات مشتركة وتسلم مهام الإدارة والحضور في الساحل الغربي. وخلال الأربع السنوات الماضية أيضا كانت "الإمارات" قد أبلت بلاء حسن ا في ايجاد موطئ قدم لها في عدن ومحافظات الجنوب، ودربت فصائل الحزام الأمني استعدادا للحظة الوصول إلى تسوية سياسية للملف اليمني على اعتبار أن الإمارات باتت قوة دولية شريكة وندية للمملكة العربية السعودية.
بدأت المملكة العربية بالتوجه جنوبا وتحديدا إلى مدينة "عدن"، ففي ال 17 من يوليو 2019 وصل وزير الداخلية الميسري إلى الرياض والتقى بالأمير فهد بن تركي، قائد القوات البرية السعودية، واتفقا على أن يكون للسعودية موطئ قدم في عدن خاصة وأن السعوديون كانوا قد عززوا حضورهم في مطار عدن وباتت قوتهم تعد بالمئات. كانت الخطة السعودية تقضي بأن تعيد المملكة تأهيل القوات الحكومية الشرعية تأهيلا كاملا ودفع مرتب إضافي لهذه القوات وتجهيزها التجهيز الكامل، الأمر الذي يعني تهديد ا وجودي ا لأوراق القوة التي تتمتع بها الإمارات في عدن. وعقب ساعات من عودة الميسري إلى عدن أرسل السعوديون معدات عسكرية إلى عدن وطلبوا من فريق عسكري خاص بهم في عدن تجهيز دراسة متكاملة لإنشاء قاعدتين في عدن شرق ا وغرب . وقد أدرك الإماراتيون خطورة التحرك العسكري السعودي في عدن، ففي حاله نجاحه فإن قدراتهم العسكرية ربما يتم إزاحتها وفق ابسط تفاهم سعودي حكومي يمني يطالب بتوطيد نشاط القوات العسكرية الحكومية. حار الإماراتيون في طريقة التعامل مع الوضع الراهن فالسعوديون الغائبون عن مشهد عدن لأربع سنوات يريدون حصد المكاسب دفعة واحدة والسماح بعودة السعوديين إلى عدن وبسط السيطرة وهذا يعني خروجا للإماراتيين من عدن وخسارة كافة المكاسب، حينها قرر الاماراتيون القفز إلى الأمام، والسيطرة على عدن. حدث الانفجار الكبير داخل مقر "اللواء الأول دعم وإسناد" بعدن وقتل "أبو اليمامة" وهنا تسارعت الأحداث ولذلك قرر الإماراتيون أن اللحظة مواتية لتسوية معسكرات الحكومة الشرعية بالأرض وقطع الطريق أمام أي حضور سعودي في عدن، فلن يستطيع السعوديون فعل شيء فالجميع في حالة ارباك سريعة. وتسارعت الأزمة سريعا ، وتحولت من تشييع إلى اشتباك مسلح، ثم إلى نفير عام وكانت الاشتباكات شبيهه إلى حد كبير باشتباكات 28 يناير 2018 . ظن السعوديون أن الاشتباكات ربما تكون محدودة وقد تنتهي بنفس سيناريو يناير 2018 ، ولكن كان الاماراتيون قد حسموا أمرهم بإنهاء تواجد الحكومة الشرعية في عدن. وتوسعت الاشتباكات بين الطرفين، وراقب السعوديون ما حدث بانشداه وصمت كبير، كرر الإماراتيون مواقف ا علنية رافضة لما يحدث، ولكن على الأرض كانت الأمور تتسارع بشدة، وأراد الاماراتيون الانتهاء من كل شيء على وجه السرعة.
تساقطت المواقع العسكرية التابعة للحكومة الشرعية واحدا تلو الاخر، وهدد السعوديون بقصف القوات لكن أحد من قادة القوات الانقلابية لم يكن يأبه لما يحدث كان كل شيء مخطط له بعناية. استنجدت قيادات الحكومة الشرعية بالسعودية، وبعد ثلاثة أيام من الاشتباكات اضطر السعوديون لإخراج الوزير الميسري ورفاقه وسقطت جميع المواقع العسكرية التابعة للحكومة الشرعية.
كسبت الإمارات معركتها في عدن لكنها قفزت إلى المجهول، وبات السعوديون أمام خيارات كثيرة أحلاها مر، فإما السكوت عن خسارة عدن، أو الدخول في التحدي وخسارة الحليف الأخير في الحرب اليمنية.
بعد 10 ايام التقط السعوديون انفاسهم وحاولوا ترتيب صفوفهم وحاولوا فهم ما حدث. بدأت وسائل الإعلام السعودية بالتعرض للمجلس الانتقالي صراحة ووصفته بالميليشيات. منح السعوديون الإذن لهادي، الذي أعلن رفضه لما حدث، طوال الأيام السابقة. ولكن الرد الاماراتي جاء سريع ا للغاية واُسقطت مدينة زنجبار، فرد السعوديون باجتماع للحكومة اليمنية التي حملت الإمارات مسؤولية الانقلاب. تشير بعض التقارير أن زيارة ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، إلى السعودية ولقاءاته مع الملك وولي العهد وزير الدفاع، محمد بن سلمان، ركزت على الأحداث في عدن ومحاولة تجنب تداعياتها المستقبلية والوصول إلى رؤية مشتركة تضمن وحدة صف التحالف الذي يقود حربا ضد قوات "الحوثي" الحليفة لإيران منذ عام 2015 دون حسم عسكري. ونجحت زيارة "بن زايد" في الاتفاق مع الجانب السعودي على انسحاب قوات "الحزام الأمني" من المواقع التي سيطرت عليها، ومنها القصر الرئاسي وميناء عدن ومطارها الدولي ومواقع أخرى . كان من نتائج زيارة ولي عهد أبو ظبي إلى السعودية، إبراز قوة العلاقات والتحالف بين البلدين في مواجهة التهديدات المشتركة . إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة الخلافات بين البلدين وتباين رؤيتهما في الملف اليمني بعد الانسحاب الجزئي للقوات الإماراتية، وفي الملف الإيراني بعد زيارة وفد خفر السواحل الإماراتي إلى طهران في 30 يوليو/تموز الماضي الذي بحث ما يتعلق بأمن الحدود البحرية بين البلدين دون التطرق إلى ملفات خلافية تتعلق بالحرب في اليمن والعقوبات الأمريكية على إيران، والتي تؤيدها دولة الإمارات للحد من التهديدات الإيرانية واعتبارها سياسة بديلة عن الحرب على إيران، وهي الحرب التي تحاول السعودية أيضا تجنب حدوثها إلى حد ما.
3/ السيناريوهات المحتملة:
أولاً: خيار الانفصال
لا يبدو خيار إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي انفصاله عن شمال اليمن مطروحا على الطاولة، كون هذا الإعلان ليس قضية سهلة، فضلا عن كون الانفصال ليس ضمن أولويات القتال الأخير، حيث أن المعارك لم يكن هدفها استقلال الجنوب، ولكن فرض السيطرة في الجنوب واعتبار المجلس الانتقالي طرف ا فاعلا في محادثات السلام القادمة فقط. كما أن إعلان أي خطوة أحادية في اتجاه الانفصال وفك الارتباط بشمال اليمن يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي واسع وهذا غير متاح حاليا .
نقاط القوة
- الدعم المادي العسكري من الإمارات
- اقتناع بعض الرموز الجنوبية بفكرة الانفصال
- ضعف الشرعية
- وجود معسكرات في الساحل الغربي بقيادة طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق، المدعوم إماراتيا
نقاط الضعف
- عدم قبول المجتمع الدولي بخيار الانفصال
- رفض السعودية لهذا الخيار في الوقت الراهن
- علاقة السعودية والامارات في مناطق عربية أخرى تجعل الامارات أكثر استجابة للموقف السعودي في اليمن وعدم اتخاذ أيه إجراءات تخالف ذلك
ثانيا: خيار الحوار
فور وقف إطلاق النار في عدن، توجه وفد من المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الرياض للمشاركة في الحوار الذي دعت إليه السعودية، وهناك التقى نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان آل سعود، بالوفد الذي ترأسه عيدروس الزبيدي، رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي.
حوار المجلس الانتقالي مع الشرعية سيمنح المجلس الانتقالي غلاف ا شرعي ا ليكون طرف ا في المشهد السياسي اليمني، تمام ا كما حدث سابق ا مع الحوثيين في مفاوضات السويد، وسيفتح الحوار الطريق لسيطرة الإمارات على جنوب اليمن، خاصة في حال انسحاب الحكومة التي أكدت أنها لن تشارك في أي حوار إلا بعد الانسحاب من المواقع التي تم الاستيلاء عليها من قبل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، وتسليم السلاح الذي تم نهبه، وعودة القوات الحكومية إلى مواقعها .
ومن جهة أخرى فإن المجلس الانتقالي أراد بتصعيده عسكري ا في عدن إيصال رسالة للمجتمع الدولي والدول الإقليمية بأنه حاضر في الميدان، وأنه يريد المشاركة في المشاورات القادمة. حيث تضمن تصريح رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، في وقت سابق قبل انعقاد مشاورات السويد في ديسمبر/كانون الأول 2018 ، تهديد ا بإسقاط مدينة الحديدة عسكري ا إن لم يشارك المجلس الانتقالي في المفاوضات . وهذا مؤشر واضح على أن نية المجلس الانتقالي كانت ومنذ وقت طويل هي المشاركة في الحكومة ولعب دور فعال في أية تفاهمات مستقبلية بشأن اليمن.
نقاط القوة
- التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي جعلت منه طرفا في ميدان التفاوض مستقبلا
نقاط الضعف
- المجلس الانتقالي لا يمثل كافة شرائح المجتمع في الجنوب فهناك العديد من المكونات السياسية الجنوبية التي تختلف معهم في مسألة "القضية الجنوبية"
- استمرار الكثير من قيادات المجلس الانتقالي في الوظائف الرسمية تحت الحكومة الشرعية مما يقل خياراته أثناء عملية الحوار والتفاوض.
ثالثا: خيار التهدئة
يبدو أن هناك توجه للتهدئة من قبل الإمارات، وهذا واضح من خلال انسحاب قوات الحزام الأمني المدعوم إماراتيا من مدينة "زنجبار" بعد أن فرضت حصارا على مقر الشرطة العسكرية في منطقة "الكود"، ومبنى قوات الأمن الخاصة في مدينة زنجبار، وطالبت القوات الموالية للحكومة بالانسحاب، قبل أن تتدخل لجنة عسكرية لتهدئة الموقف وانسحاب قوات الحزام الأمني. كما أن صدور بيان مشترك عن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يوم الاثنين، 26 أغسطس 2019 ، حول أحداث عدن، والذي أكد فيه البلدان على حث جميع الأطراف على "الالتزام التام بالتعاون مع اللجنة المشتركة التي شكلتها قيادة تحالف دعم الشرعية لفض الاشتباك، وإعادة انتشار القوات في إطار المجهود العسكري لقوات التحالف، وسرعة الانخراط في حوار جدة." ويبدوا أيضا أن الإمارات ستستفيد من خيار التهدئة باعتبارها "استراحة محارب" لإعادة ترتيب أوراقها في الجنوب لأنها بالتأكيد لن تسمح بخسارة كافة مكاسبها التي حققتها خلال الأربع سنوات الماضية، مما يرجع بقاء الأحداث ساخنة خلال الفترة القادمة وقابلية انفجارها في أي لحظة. وفي كل الأحوال، قد تسعى الإمارات إلى ضمان مصالحها في عدن عبر قوات "الحزام الأمني" الحليفة لها، بينما تعيد نشر قوات أخرى حليفة لها ممثلة بقوات "العمالقة" و"المقاومة الوطنية" على السواحل اليمنية من البحر الأحمر إلى خليج عدن، حيث أن قائد قوات "المقاومة الوطنية" هو طارق صالح، ابن شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والمعوّل عليه إماراتي ا لرئاسة اليمن مستقبلا.